شرح القصيدة الغزلية رائية عمر بن أبي ربيعة ( أمن آل نعم أنت غاد فمبكر )
"بسم الله الرحمن الرحيم"
:: رائية عمر بن أبي ربيعة ::
الحمد لله وكفى, وصلاةً وسلامًا على رسوله e المصطفى, وبعد ..
•• شرح قصيدة: [ أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ ]
لعمر بن أبي ربيعة.
:: تعريف بالشاعر ::
• اسمه ونسبه:
هو أبو الخطاب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي.
هو أبو الخطاب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي.
• هو شاعر عربي مخزومي قرشي, يكنى أبا الخطَّاب، وأبا حفص، وأبا بشر، ولقب بالمُغيريّ نسبة إلى جَدّ أبيه. ورث عمر عن قومه الجاه والشرف والثراء.
• وكان أبوه يُسمى في الجاهلية بَجيراً، فسمّاه الرسول عبد الله، وهو من أثرياء قريش، كان يكسو الكعبة عاماً، وتكسوها قريش عاماً، لذلك أُطْلِق عليه لقب العِدْل، وولَّاه النبي صلى الله عليه وسلم [الجَنَد] إحدى ولايات اليمن الثلاث آنذاك، وظل عليها في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهم جميعًا. وتوفي والده وعمر لايزال في الثالثة عشرة من عمره،
• أما أمه فاسمها «مجد»، وهي سِبيّة من حضرموت، ولذلك قيل في غَزَله: «غَزلٌ يَمانٍ ودَلٌّ حجازي».
• كان جده أبو ربيعة حذيفة يلقب بــ: [ذي الرمحين] لطوله, وإليه نُسب. وكان يُقال كأنه يمشي على رمحين. وقيل: إنه قاتل يوم عكاظ برمحين.
• حياته:
وقد ولد في السنة 23 هـ ــ 644م في الليلة التي قُتل فيها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه, على الأرجح ولا يُعرف بالتأكيد مكان ولادته فقد يكون الجَنّد في اليمن أو مكة أو المدينة, ويرجح أن مولده كان في الجنّد من اليمن حيث ولاية أبيه عبد الله, وقُيل في ذلك فيما بعد: «أيُّ حقٍّ رفع، وأيُّ باطلٍ وُضِع».
» كان الشاعر وسيماً، بهيَّ الطَّلْعة، نشأ في أحضان أمه يساعدها على إدارة أملاك أبيه الواسعة، وترعرع تحوطه رعاية أُمّه، فأُتيح له الاختلاط بالنساء والجواري من دون تحرج.
» زوجته الأولى: تزوج كَلْثَم بنت سعد المخزومية، وهي امرأة صالحة, إحدى أميرات بني مخزوم في عصرها, تزوجها بعد أخبار طويلة امتحنته فيها لتعرف أن شعره في النساء لا يعدو الأدب فقط، فأنجبت له ولدين أحدهما ولدٌ صالحٌ اسمه: [ جُوان ] والي تبالة. وبقيت زوجة لعمر حتى ماتت.
» زوجته الثانية زينب بنت موسى الجُمَحيّة، فأنجبت له بِشْرًا, وهي: [أخت قدامة صديق عمر في صباه] وقد نالت النصيب الأكبر من شعره، فكتب فيها زهاء عشرين قصيدة. وفي الباحثين من يرجح أنها نفسها [نُعْم] ، انظر جبرائيل جبور [جزء 3 صفحة 104, و 208] .
» عاش عمر في عصر بني أمية متنقلاً بين مكة والمدينة, وتردد على الشام واليمن والعراق، في الوقت الذي عانى فيه الشباب الحجازيون فراغاً سياسياً، وسط بعض مظاهر اللهو والغناء، فخطّ عمر حياته بعيداً عن الخوف والقلق إلاّ ما كان من نفي عمر بن عبد العزيز له إلى جزيرة دهلك [جزيرة في بحر اليمن وهو مرسى بين بلد اليمن والحبشة]، عندما كان والياً على مكة. وقد هرب الشاعر من مدح الرجال إلى مدح النساء، قال له الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك: ما يمنعك من مدحنا؟ فقال: إني لا أمدح الرجال، إنما أمدح النساء !
» توفي رحمه الله بمكة، في عام 93 للهجرة, وعاش سبعين سنة, واختلف في تعليل موته، فذهب بعضهم إلى القول إنه خرج على فرس، فهبت عليه ريح ألجأته إلى شجرة من أشجار السَّلْم، فضرب به غصن منها، فَدَمي، ثم ورم فمات.
» وقال بعضهم: إنه خرج غازياً في البحر فأُحرقت سفينته فاحترق وربح الشهادة.
» شعره:
» تعمق اتصال عمر بالمرأة حتى صار شاعر الغزل دون منازع، لهذا لم يكن غريباً أن يخلِّف ديواناً يكاد يكون خالصاً للغزل.
» شهد عدد من الشعراء والنقاد بشاعريته وإبداعه، من ذلك ما قيل من أن العرب تُقِرُّ لقريش بالتقدم في كل شيء عليها إلاّ في الشعر، فإنها كانت لا تقرّ به، حتى كان عمر بن أبي ربيعة فأقرت لها الشعراء بالشعر أيضاً ولم تنازعها شيئاً. ومن ذلك أن الفرزدق سعى إلى الاجتماع به، فتناشدا الأشعار فأنشده عمر بعض قصائده, فصاح الفرزدق: أنت والله، يا أبا الخطّاب أغزل الناس! لا يُحسن والله الشعراء أن يقولوا مثل هذا النسيب، ولا يرقوا مثل هذه الرقية. وحظي شعره بعناية كبيرة، وحقق ديوانه عدد من المحققين.
:: خصائص شعره ::
يمتاز شعر ابن أبي ربيعة بالسلاسة والعذوبة والحلاوة، وتغلُب السهولة على لغة شعره، كما يأخذ شعره الطابع الرقيق، وتدور موضوعاته هو المرأة، والفخر بالنفس على لسان شخصيات يخترعها في قصائده, ويُعتبر ابن أبي ربيعة رائد الشعر الغزلي؛ حيث يَغلِب الغزل على شعره. أعطى ابن ربيعة الشعر الغزلي بعضاً من السمات الفنيّة مثل: الحوار والأسلوب القصصي الذي أضفى على قصائده ميزة الوحدة الموضوعية، ولعب فيه دور المعشوق لا العاشق, بعد أن أخذه الإعجاب بنفسه كلَّ مآخذ، وصوَّر تهافت النساء عليه وإعجابهنَّ به في شعره، كما وصف فيه مشاعرهنَّ وحركاتهنَّ وأسلوبهنَّ في الحديث وانفعالاتهنَّ، وأشهر قصائده الغزليَّة هي رائيَّته التي قال في مطلعها:
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبگِرُ
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
» وفي قصيدة أخرى يقول:
قالت الكبرى: أتعرفن الفتى؟
قالت الوسطى: نعم هذا عمر !
قالت الصُّغرى وقد تيمتها:
قد عرفناه وهل يخفى القمر ؟
فهو يصور نفسه في غزله معشوق لا عاشق فهو يصور عواطف المرأة ونفسيتها وما يثير في قلبها المشاعر الرقيقة.
فهو يصور نفسه في غزله معشوق لا عاشق فهو يصور عواطف المرأة ونفسيتها وما يثير في قلبها المشاعر الرقيقة.
وقد اقتصر ديوان عمر بن أبي ربيعة على الغزل والتشبب من دون سائر الأغراض فلقب بشاعر الغزل وقد نجد في ديوانه نموذج واحدًا في الرثاء ومثله في الهجاء ومثله في الفخر بالانتماء القرشي.
:: المراجع العلمية ::
» كتاب الأغاني, لأبي الفرج الأصفهاني.
» خزانة الأدب, لعبدالقادر البغدادي.
» الشعر والشعراء, لابن قتيبة. شرح وتحقيق: أحمد شاكر.
» ديوان عمر بن أبي ربيعة, تحقيق: عبدالأمير علي مهنا.
؛,
•• قالوا عن قصيدته:
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبگِرُ
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
• ابن عباس: يا ابن أخي أنت شاعر, فقل ما شئت.
• وقال في موضع آخر عنها لما سأله بعض طلابه عنها: إنا نستجيدها.
• وقال عنها: تالله ما سمعتُ سفهًا قط ! رادًا على نافع بن الأزرق الذي قال له أتسمع سفهًا ؟!
• وكان ابن عباس بعد سماعه لقصيدته هذه يسأل: هل أحدث هذا الفتى شيئًا من الشعر ؟!
• الشاعر المشهور: جرير بن عطية: ما زال هذا الفتى يهذي حتى قال شعرًا !
• أحمد بن طيفور: هذه القصيدة لا شبيه لها ولا مثل !
؛,
:: بين يدي القصيدة ::
• عدد أبياتها: [ 75 ] بيتًا قمت بترقيمها جميعًا, وقصدت الاختصار في شرحها ما استطعتُ إلى ذلك سبيلا, ولكن بعض أبياتها كان يحتاج مزيد بسط حتى يتضح المراد بمقصده لبعد عهدنا من عهده, ووعورة بعض ألفاظه.
• تُعدُ هذه القصيدة مسرحية ذات فصولٍ ثلاثة, الأول منها: تكلم فيه عن عزمه الرحيل عن ديار محبوبه [ نُعْم ], وأفصح فيه عن مدى تعلق وهيامه بها, ونُعْم هذه اسم اخترعه من نفسه لا وجود لهذا الاسم على الحقيقة, كما أشار إلى ذلك في قصيدة أخرى حين قال:
أُسَمّيها لِتَكْتَمَ بِاسْمِ نُعْمٍ ..
وَيُبْدي القَلْبُ عَنْ شَخْصٍ حَبِيبِ
وَأَكْتُمُ ما أُسَمّيها وَتَبْدو ..
شواكلهُ لذي اللبّ الأريب !
• ثم يمضي الفصل الأول في [ 18 ] بيتًا.
• ثم ينتقل للفصل الثاني من البيت رقم [ 19 ] إلى البيت رقم [ 62 ] وعددها: [ 44 ]بيتًا, والذي يتذكر فيه رحلته ومغامرته الشقية وهي من اختراعه لا حقيقة لها, فهو لم يغادر مكة في هذه السن المبكرة وكان عمره إذ ذاك سبع عشرة سنةً تقريبًا, وفي هذا الفصل يفخر بنفسه على لسان غيره, وقد قال قصيدته هذه على غرار معلقة امرؤ القيس الشاعر الجاهلي, والتي أشرتُ إليها في شرحي للأبيات, ويذكر في هذا الفصل مغامرته في التسلل إلى خِباء محبوبه [ نُعْم ] ثم كيف خرج من عندها بأعجوبة !
• ثم يأتي الفصل الثالث والأخير من القصيدة في عدد [ 13 ] بيتًا من البيت رقم: [ 63 ] إلى البيت رقم: [ 75 ] , ليتم بها مسرحيته ورائيته المذهلة, وفي هذا الفصل خصصه لناقته ووصفها بعبارات وعرة صعبة منكدرة لا تكاد تفهمها إلا بعد مشقة ولَــيٍ وتعب, وأراد أن يرسل فيها رسائل للمتلقي من جملتها, أنا الذي قلتُ الأبيات السابقة وهي سهلة عذبة, وأنا الذي أتتممتها بهذه الأبيات الوعرة العصية على الفهم !
,؛
• حين أقوم بشرح الأبيات أعلق على بعضها ذاكرًا المعاني الخفية التي أرادها حسب فهمي لها, ولقد استمعتُ لشرح القصيدة كاملةً بصوت الأستاذ/ محمد يوسف رشيد, وقد قام بشرحها بسبعة أجزاء على اليوتيوب, كل تسجيل يقارب ساعتين, وذكر الصور البلاغية فيها, ويعدُ شرحه وافيًا وإن كان أطال جدًا, ويصل مجموع الساعات إلى قرابة [ 14 ] ساعةً تقريبًا, وسأضع بإذن الله تعالى روابط كل ذلك, ولقد أفادني شرحه كثيرًا فجزاه الله عني خير الجزاء وأوفره, وكذا سأورد روابط من تكلم وأشار لهذه القصيدة ومنهم الشيخ/ سعيد الكُمْلِي, والشيخ/ محمد الحسن الددو, والشيخ/ صالح المغامسي, وكذا سأورد روابط لمذكرات عمر بن أبي ربيعة كتبها بنفسه من تحقيق الأستاذ/ أبو فهر: محمود شاكر, وآخرون.
؛,
:: بين ابن عباس وابن ربيعة ونافع بن الأزرق ::
جاء في بعض الروايات عن ابن عباس ما يلي:
• بينا ابْن عباس فِي المسجد الحرام، وعنده نافع ابْن الأزرق زعيم الخوارج الأزارقة نسبةً إليه, وناس من الخوارج يسألونه؛ إذ أقبل الشاعر عُمَر بْن أبي ربيعة فِي ثوبين مصبوغين موردين أو ممصرين. وكان فتًا, الممصرين اللذان فيهما صفرة يسيرة، حتى سلم وجلس، فأقبل عليه ابْن عباس وكان قد ضجر من كثرة أسئلة ابن الأزرق، فقال: أنشدنا، فأنشده رائيته الشهيرة التي مطلعها:
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبگِرُ
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
حتى أتى على آخرها، فأقبل عليه ابْن الأزرق، فقال: اللَّه يابن عباس، إنا لنضرب إليك أكباد المُطي –الإبل- من أقاصي العراق لنسألك عَنِ الحلال والحرام، فتثاقل علينا، ويأتيك مترف من مترفي قريش فينشدك سفهًا, فقال ابن عباس: تالله ما سمعتُ سفهًا ! , فقال ابن الأزرق: أما سمعتهُ يقول:
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت
[فيْخزَى], وأما بالعَشي فيخسَرُ ! [ بالسين ]
[فيْخزَى], وأما بالعَشي فيخسَرُ ! [ بالسين ]
فقال ابْن عباس: ليس هكذا قَالَ، قَالَ: فكيف قَالَ؟ قَالَ:
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت
[فيضحى], وأمَّا بالعشي فَيَخْصرُ, [ بالصاد ]
[فيضحى], وأمَّا بالعشي فَيَخْصرُ, [ بالصاد ]
قَالَ ابن الأزرق: مَا أراك إلا قد حفظت البيت، قَالَ: نعم، وإن شئت أنشدك القصيدة أنشدتكها، قَالَ: فإني أشاء، يريد أن يختبر حافظة ابن عباس, فأنشده القصيدة حتى جاء على آخرها، فقال نافع: والله ما رأيت أحفظ منك يا ابن عباس, قَالَ: ثم أقبل ابن عباس على ابْن أبي ربيعة ، فقال: أنشد، فقال: تشط غدًا دار جيراننا, فقطع عليه ابن عباس فأكمل البيت فقال: وللدار بعد غد أبعد, فقال عمر: كذلك قلتُ، أصلحك اللَّه، أسمعته؟ قَالَ: لا، ولكن كذلك ينبغي أن يُقال !
رابط الرواية من تاريخ ابن عساكر:
؛,
:: الفصل الأول ::
:: بداية الرحلة ::
1 - أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبگِرُ
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
2 - لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها
فَتُبلِغَ عُذراً, وَالمَقالَةُ تُعذِرُ .. !
3- أهيمُ إِلى نُعْمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ، ..
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ، وَلا القَلبُ يُقصِرُ !
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ، وَلا القَلبُ يُقصِرُ !
4 - وَلا قُربُ نُعْمٍ إِنْ دَنَت لگ نافعٌ,
وَلا نَأيُها يُسْلِي, وَلا أَنتَ تَصبِرُ !
وَلا نَأيُها يُسْلِي, وَلا أَنتَ تَصبِرُ !
5 - وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ, وَمِثلُها
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفگِّرُ !
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفگِّرُ !
6 - إِذا زُرتُ نُعمًا لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ
لَها, گُـلَّما لاقَيتُها, يَتَنَمَّرُ .. !
لَها, گُـلَّما لاقَيتُها, يَتَنَمَّرُ .. !
7 - عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها ..
يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ, وَالبُغضُ يُظهَرُ !
يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ, وَالبُغضُ يُظهَرُ !
8 - أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ,
يُشَهَّرُ إِلمامي بِها, وَيُنَكَّرُ .. !
يُشَهَّرُ إِلمامي بِها, وَيُنَكَّرُ .. !
9 - بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها
بِمَدفَعِ أَكنانٍ: أَهَذا المُشَهَّرُ ؟!
بِمَدفَعِ أَكنانٍ: أَهَذا المُشَهَّرُ ؟!
10 - قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ ؟
أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ ؟!
أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ ؟!
11 - أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتًا, فَلَم أَكُن,
وَعَيشِكِ, أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ .. !
وَعَيشِكِ, أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ .. !
12 – فَقالَت: نَعَم, لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ ..
سُرى اللَيلِ, يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ !
سُرى اللَيلِ, يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ !
13 - لَئِن گانَ إِيّاهُ, لَقَد حالَ بَعدَنا
عَنِ العَهدِ, وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ !
عَنِ العَهدِ, وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ !
14 - رَأَت رَجُلاً, أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت
فَيَضحى, وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ .. !
فَيَضحى, وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ .. !
15 - أَخا سَفَرٍ, جَوّابَ أَرضٍ, تَقاذَفَت
بِهِ فَلَواتٌ, فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ .. !
بِهِ فَلَواتٌ, فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ .. !
16 - قَليلٌ عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّهُ,
سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ !
سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ !
17 - وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ,
وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ .. !
وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ .. !
18 - وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها,
فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ !
فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ !
؛،
:: الفصل الثاني ::
19 - وَلَيلَةَ ذي دَوْرَانَ جَشَّمتِني السُرى,
وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ !
وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ !
20 - فَبِتُّ رَقيبًا لِلرِفاقِ عَلى شَفًا,
أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ, وَأَنظُرُ .. !
أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ, وَأَنظُرُ .. !
21 – إِلَيهِم, مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ,
وَلي مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ .. !
وَلي مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ .. !
22 - وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها,
لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ .. !
لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ .. !
23 - وَبِتُّ أُناجي النَفسَ: أَينَ خِباؤُها ؟
وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ .. ؟!
وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ .. ؟!
24 - فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُها
لَها، وَهَوى النَفسِ الَّذي گادَ يَظهَرُ .. !
لَها، وَهَوى النَفسِ الَّذي گادَ يَظهَرُ .. !
25 - فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم, وَأُطفِئَت
مَصابيحُ, شُبَّت في العِشاءِ وَأَنْــؤُرُ .. !
مَصابيحُ, شُبَّت في العِشاءِ وَأَنْــؤُرُ .. !
26 - وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أهوى غُيوبَهُ,
وَرَوَّحَ رُعيانُ, وَنَوَّمَ سُمَّرُ ..!
وَرَوَّحَ رُعيانُ, وَنَوَّمَ سُمَّرُ ..!
27 - وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ, أَقبَلتُ مِشيَةَ الـــ
حُبابِ, وَشَخْصِي خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ ..!
حُبابِ, وَشَخْصِي خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ ..!
28 - فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها, فَتَوَلَّهَت,
وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ .. !
وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ .. !
29 - وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ: فَضَحتَني,
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ !
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ !
30 - أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ, أَلَم تَخَف؟
وُقيتَ, وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ .. !
وُقيتَ, وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ .. !
31 - فَوَ اللَهِ ما أَدري, أَتَعجيلُ حاجَةٍ
سَرَت بِكَ, أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ .. !
سَرَت بِكَ, أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ .. !
32 - فَقُلتُ لَها: بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى
إِلَيكِ, وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ .. !
إِلَيكِ, وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ .. !
33 - فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها:
كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ .. !
كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ .. !
34 – فَأَنتَ, أَبا الخَطّابِ, غَيرُ مُدافَعٍ,
عَلَيَّ أَميرٌ, ما مَكُثتَ, مُؤَمَّرُ .. !
عَلَيَّ أَميرٌ, ما مَكُثتَ, مُؤَمَّرُ .. !
35 - فَبِتُّ قَريرَ العَينِ, أُعطيتُ حاجَتي,
أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ .. !
أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ .. !
36 - فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ,
وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ .. !
وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ .. !
37 - وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس
لَنا, لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ .. !
لَنا, لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ .. !
38 - يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ,
رَقيقُ الحَواشي, ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ .. !
رَقيقُ الحَواشي, ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ .. !
39 - تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ, كَأَنَّهُ
حَصى بَرَدٍ, أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ .. !
حَصى بَرَدٍ, أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ .. !
40 - وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ, كَما رَنا
إِلى ظَبْيَةٍ وَسطَ الخَميلَةِ, جُؤذَرُ !
إِلى ظَبْيَةٍ وَسطَ الخَميلَةِ, جُؤذَرُ !
41 - فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ,
وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ .. !
وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ .. !
42 – أَشارَت, بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ
هُبوبٌ, وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ !
هُبوبٌ, وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ !
43 - فَما راعَني إِلّا مُنادٍ: تَرَحَّلوا,
وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ !
وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ !
44 - فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ
وَأَيقاظَهُم, قالَت: أَشِر كَيفَ تَأمُرُ ؟
وَأَيقاظَهُم, قالَت: أَشِر كَيفَ تَأمُرُ ؟
45 – فَقُلتُ: أُباديهِم, فَإِمّا أَفوتُهُم,
وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً, فَيَثأَرُ .. !
وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً, فَيَثأَرُ .. !
46 – فَقالَت: أَتَحقيقًا لِما قالَ كاشِحٌ
عَلَينا, وَتَصديقًا لِما كانَ يُؤثَرُ ؟!
عَلَينا, وَتَصديقًا لِما كانَ يُؤثَرُ ؟!
47 - فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ, فَغَيرُهُ,
مِنَ الأَمرِ, أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ !
مِنَ الأَمرِ, أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ !
48 - أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا
وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ !
وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ !
49 - لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجًا,
وَأَن تَرحُبا صَدرًا بِما كُنتُ أَحصُرُ !
وَأَن تَرحُبا صَدرًا بِما كُنتُ أَحصُرُ !
50 - فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ,
مِنَ الحُزنِ, تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ .. !
مِنَ الحُزنِ, تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ .. !
51 - فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما
كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
52 - فَقالَت لِأُختَيها: أَعينا عَلى فَتىً,
أَتى زائِراً, وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ !
أَتى زائِراً, وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ !
53 - فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا, ثُمَّ قالَتا:
أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ !
أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ !
54 - فَقالَت لَها الصُغرى: سَأُعطيهِ مِطرَفي
وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ !
وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ !
55 - يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً
فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ !
فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ !
56 - فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي,
ثَلاثُ شُخوصٍ: كاعِبانِ وَمُعصِرُ !
ثَلاثُ شُخوصٍ: كاعِبانِ وَمُعصِرُ !
57 - فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي:
أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ ؟!
أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ ؟!
58 – وَقُلنَ: أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِرًا
أَما تَستَحي, أَو تَرعَوي, أَو تُفَكِّرُ ؟!
أَما تَستَحي, أَو تَرعَوي, أَو تُفَكِّرُ ؟!
59 - إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا,
لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ !
لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ !
60 - فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت,
وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ, وَمَحجَرُ .. !
وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ, وَمَحجَرُ .. !
61 - سِوى أَنَّني قَد قُلتُ: يا نُعمُ قَولَةً
لَها, وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ !
لَها, وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ !
62 - هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها الــ
لَذيذُ, وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ !
لَذيذُ, وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ !
؛،
:: الفصل الثالث والأخير ::
63 - وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّها,
سُرى اللَيلِ, حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ !
سُرى اللَيلِ, حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ !
64 - وَحَبسي عَلى الحاجاتِ, حَتّى كَأَنَّها:
بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ !
بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ !
65 - وَماءٍ بِمَوماةٍ قَليلٍ أَنيسُهُ,
بَسابِسَ, لَم يُحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ !
بَسابِسَ, لَم يُحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ !
66 - بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبوتِ كَأَنَّهُ
عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ !
عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ !
67 – وَرِدتُ, وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي
مِنَ اللَيلِ, أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ ؟!
مِنَ اللَيلِ, أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ ؟!
68 - فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّها:
إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ !
إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ !
69 - تُنازِعُني حِرصًا عَلى الماءِ رَأسَها,
وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُغَوَّرُ !
وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُغَوَّرُ !
70 - مُحاوِلَةً لِلماءِ, لَولا زِمامُها,
وَجَذبي لَها, كادَت مِراراً تَكَسَّرُ !
وَجَذبي لَها, كادَت مِراراً تَكَسَّرُ !
71 - فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنها, وَأَنَّني
بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ !
بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ !
72 - قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً
جَديدًا, كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ !
جَديدًا, كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ !
73 - إِذا شَرَعَت فيهِ, فَلَيسَ لِمُلتَقى
مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ !
مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ !
74 - وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ
إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ !
إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ !
75 – فَسافَت, وَما عافَت, وَما رَدَّ شُربَها
عَنِ الرَيِّ, مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ !
عَنِ الرَيِّ, مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ !
؛،
• شرح القصيدة:
1 - أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبگِرُ
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
غَداةَ غَدٍ, أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ ..؟!
• يبدأ الشاعر قصيدته مستفهمًا سائلاً نفسه قائلاً لها: هل أنت من محبوبتگ [ نُعْم ] وأهلها وديارها، مسافر غدًا فمبگر مع بداية وقت الغداة وهو أول النهار، أم أنت مؤخر ترحلگ عنها وأهلها إلى وقت الرواح، وقت الهاجرة في منتصف النهار حين تزول الشمس، في شدة حر وقيض، فأنت راحلٌ راحلٌ في أحد الوقتين فاختر لنفسگ يا هذا ؟!
•• والسؤال المطروح هنا: لماذا بدأ قصيدته بهذا الاستهلال ؟! الذي يُثير في نفس السامع والمتأمل التعجب والاستغراب !
•• والجواب يأتيك في الأبيات التالية فيشرع في بيان ذلك وتفصيله, وأنه مترحلٌ عن ديارها؛ بسبب قرابةً لها تعمدوا إيذاءه كلما همَّ بزيارة محبوبه [ نُعْم ] ! وهذا واضحٌ جليٌ في البيت السادس حيث يقول:
إِذا زُرتُ نُعمًا لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ
لَها گُـلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ .. !
لَها گُـلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ .. !
فهذا سببٌ قوي يدعوني للترحل عن ديارها, وأسبابٌ أخرى سيشرحها في رائيته الفاتنة.
•• أما من ذهب من شُراح القصيدة إلى أنه ذهب ليقف على الأطلال فقد أبعد النجعة جدًا, ولم يتعمق في أجواءه القصيدة ومعانيها, فكيف يقف على الأطلال لمنازل ما تزال عامرةً بأهلها يريد هو أن يترحل عنها ؟!
•• هذا مطلع للقصيدة فريد؛ لأن الشعراء يتناولون ترحل الحبيبة، بيد أن عمر بدأ قصيدته بترحله هو !
؛،
2 - لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها
فَتُبلِغَ عُذراً, وَالمَقالَةُ تُعذِرُ .. !
فَتُبلِغَ عُذراً, وَالمَقالَةُ تُعذِرُ .. !
• وترحلي هذا لأمر أگتمه في نفسي لم أخبر به أحدًا، ولا أفشي سري لأحد حين يسألني لماذا ترحل، أو على افتراض أنها ستسألني ذات يوم عن سبب ترحلي فلن أبوح بذلگ لأحد، ولن أشرح عذري وظرفي الذي دعاني للرحيل عن ديارها، وهو: حبها الجاثم على صدري، والگاتم على نفسي، وتعلقي الشديد بها، والذي أفسد عليَّ ديني ودنياي، وعذري هذا لو علمت هي به لعذرتني !
•• وأيضًا من أسباب ترحلي عن ديارها عداوة قرابتها لي, ونهرهم إياي حين زيارتها.
•• وگذلگ لو سألني غيرها، فلن أخبر بذلگ، لأن القوم لن يعذروني، وسأرحل عن ديارها بدون أن أبدي عذرًا؛ لأن بعض القوم قد يستسخف عذري ويستقبحه بسبب تعلقي بها، وانشغالي عن مصالحي بها !
•• وهنا لجأ لما يُسمى بالتجريد أي: جرَّد من نفسه شخصًا آخر يخاطبه ويحدثه ويناجيه، ويبوح له بمعاناته وهمه، وهذه آية البلاغة والفصاحة !
؛،
3- أهيمُ إِلى نُعْمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ، ..
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ، وَلا القَلبُ مُقصِرُ !
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ، وَلا القَلبُ مُقصِرُ !
• تهيم نفسي وتتشوق لـ محبوبه [ نُعْم ] ولقاؤها، ولگن الشمل أبى أن يجمعني بها، ولا حبال وسبل الوصل بيني وبينها متصلة، ولا قلبي مقتنع بذلگ فيتوقف عن الشوق والجنون المستحيل بها، فيُقصر ويتوقف ويقلع عن التعلق والهيام بها !
؛،
4 - وَلا قُربُ نُعْمٍ إِنْ دَنَت لگ نافعُ,
وَلا نَأيُها يُسْلِي, وَلا أَنتَ تَصبِرُ !
وَلا نَأيُها يُسْلِي, وَلا أَنتَ تَصبِرُ !
• وگذلگ لو اقترب مسگن نُعُم منگ، ودنا بقربگ، وأردت أن تسگن بجوار ديارها فليس نافعگ بشيء، وگذا لو بعدت ديارها عنك فلا ذاگ يسليني وينسيني إياها، ولا أنا بقادر على الصبر عن فراقها !
•• ويُعد بيتيه الثالث والرابع من الأساليب البلاغية الإعجازية حين رتب مجموع حالات المرء من القرب والبعد في ست حالات متتابعات بدءً باستحالة جمع الشمل، ثم انقطاع حبال الوصل، ثم عدم قدرة القلب عن القصر والبعد عنها، ثم ولا حتى قربها ولو دنت منه نافع، ولا بعدها يُذهب ما في قلبه من أسى ولوعة تجاهها، وليس هو بقادر عن الصبر على فراقها !
•• ونجد الشاعر اتجه للحديث مع نفسه، وجعل منها صديقًا يواسيه ويسليه ويؤنسه بعد أن فقد أنيسه من بني جنسه !
؛،
5 - وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعْمٍ, وَمِثلُها
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفگِّرُ !
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفگِّرُ !
• ومصيبةٌ أخرى أصابتني وجاءتني زيادة على مصيبتي بمحبوبي [ نُعْم ] وگأن هذا ما ينقصني، وهذا يُذگر بقول المتنبي:
أبِنْتَ الدّهْرِ عِندي كُلُّ بِنْت ..
فكَيفَ نَجَوتِ أنتِ منَ الزّحامِ .. ؟!
فكَيفَ نَجَوتِ أنتِ منَ الزّحامِ .. ؟!
• ومثل هذه المصيبة لدي غيرها من المصائب، وهي مصيبة وعقبة أخرى تمنعني من زيارة نُعْم ورؤيتها، ولقد نهاني أولوا وأصحاب العقول الراجحة والسليمة عن الاستمرار في طريق الهوى والعشق والطيش والسفه لعلي أرعوي وأنتهي من جنوني هذا، وأتفگر فيما سينتهي بي المطاف إن أنا واصلت بهذا الطريق، لگني لا أگف، ولا أتدبر في شأني وأتفگر !
؛،
6 - إِذا زُرتُ نُعْمًا لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ
لَها, گُـلَّما لاقَيتُها, يَتَنَمَّرُ .. !
لَها, گُـلَّما لاقَيتُها, يَتَنَمَّرُ .. !
• وحين يحاول أن يتجاسر ويزور بيت محبوبه، أو يمر بالقرب من حيهم وديارهم، فيقابل هناگ قريب لها متجهم مگفهر الوجه عبوسًا تجاهه متنمرًا أشبه بنمرٍ عادي, مستأسدًا عليه أشبه بأسدٍ ضاري، ودأبه هذا مستمر دائم، فگلما أتيت لقرب ديارهم ومنازلهم، يفعل بي هذا، وگأنه يقول لي: ماذا تريد يا هذا بزيارتگ لحينا ؟ منگرًا عليَّ زيارتها !
؛،
7 - عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها ..
يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ, وَالبُغضُ يُظهَرُ !
يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ, وَالبُغضُ يُظهَرُ !
• صعبٌ وشاقٌ على نفس قريبها أن يراني مارًا بجوار بيتها، ويُخفي عني ما حواه قلبه تجاهي من مشاعر عداوة مُلِئ وشُحِنَ قلبه بهذه المشاعر السوداء تجاهي، ويُظهر ويعلن لي البغض والگره، ويجهر به !
•• ولعل هذا القريب گان يريدها لنفسه بالزواج منها، وقد يكون ابن عم لها, وهو الأقرب, ويگره أن تميل إلى غيره، فإذا شاهده گره مجرد مروره ببيتها، فضلاً على أن يتحدث معها !
؛،
8 - أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ,
يُشَهَّرُ إِلمامي بِها, وَيُنَكَّرُ .. !
يُشَهَّرُ إِلمامي بِها, وَيُنَكَّرُ .. !
• أَلِكني إليها: هذا من الألوكة وهي الرسالة، والمعنى: گن لي رسولاً إليها أيها السامع والعارف بحالي، وبلغها سلامي وتحياتي وأشواقي، فلقد بلغ بي حبها گل مبلغ، فتفضل عليَّ وتگرم بأن تگون رسولي إليها، وتأتني بخبرها لعل هذا يُطفئ نار الوجد والفقد في فؤادي المشتعل !
•• وأنا حين أبعثگ برسالتي هذه بالسلام إليها؛ لأني عاجزٌ عن الذهاب بنفسي بسبب الحظر المفروض عليَّ من قرابتها وأهلها، فإنهم حين أمر على دارها أو بقربه مرورًا لطيفًا خفيفًا سريعًا لمجرد الإلمام بها، فإن ذلگ يجعلُ قريبها وأهلها يُشِّهرون بي ويفضحونني بين الناس، وينگرون ذلگ عليَّ، وگذا ينگره عليَّ گل من عَلِم بذهابي السريع إليها، فضلاً عن المُقام عندها !
؛،
9 - بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها
بِمَدفَعِ أَكنانٍ: أَهَذا المُشَهَّرُ ؟!
بِمَدفَعِ أَكنانٍ: أَهَذا المُشَهَّرُ ؟!
• وعلامة ذلگ التشهير والإنگار عليَّ من قبل أهلها وقرابتها حين لقيتها نهارًا وهو وقت الغداة، بحمى وأرض ومدفع وهو المگان الذي يدافع عنه أصحابه وأهله واسمه: حِمى أگنان، فلما شاهدتني قالت عني وهي تشير إليَّ لأختها أسماء: أهذا المُشَهَّرُ ؟!
•• والمعنى: هل هذا هو الفتى المشهور والذي گان يفعل ويفعل ؟!
•• وأشتهر عن الشاعر [ عمر بن أبي ربيعة ] حبه لمدح نفسه، والفخر بها على لسان غيره ممن يخترعه من أسماء وأحداث وحگايات وروايات في قصائده تجعلُ غيره يُثنى عليه ويمدحه بما ليس فيه، وهذه صفة لازمة له في گثيرٍ من قصائده، وهذا ما ستوضحه الأبيات اللاحقة !
•• وقيل معنى البيت: خذ رسالتي إليها مصحوبًا بآية وعلامة تدل دلالةً أكيدةً على أنك رسولٌ من عندي إليها, ثم طلب من الرسول أن يُذَكَّرَها حين لقياها بقول عمر لها حين إلتقى بها في مگان مدفع وحِمى أگنان، فقالت لأختها أسماء مستفهمةً: أهذا المشهور ذائع الصيت ؟! ، ثم أتم له بفية الرواية في الأبيات اللاحقة, فأنت إذا ذكرت لها ذلك علمت وأدركت أنك صادق في كونك رسول مني إليه؛ لأن هذه الأحداث لا يعلمها إلا أنا وهي وأختها. والمعنى الثاني للببت أقرب وألصق بالرواية وتسلسل الأحداث وترابطها من المعنى الأول, وهو الراجح والصواب, والله أعلم.
؛،
10 - قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ ؟
أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ ؟!
أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ ؟!
•• تقول محبوبته [ نُعْم ] لأختها أسماء انظري وشاهدي إلى هذا الوافد القادم من بعيد هل عرفتيه؟ هل هذا هو الفتي القرشي عمر بن عبدالله بن حذيفة [ أبي ربيعة ] بن المغيرة من بني مخزوم بن يقظة بن مرة، والمغيري: نسبة لجد ابيه المغيرة. هل هذا الفتى الذي گانوا يُشهرون به، ويتحدثون عنه ويذگرونه، وگأنه گان يعجبه هذا !
•• وفي رواية أخرى للبيت تقول:
أشارتْ بمدارها، وقالت لأختها:
"أهذا المغيريُّ الذي كان يُذكر؟"
ومدراها: ثوبها المُزين المنقوش.
•• وگل هذا اختراع من عنده لم يحدث، وأحداث وشخصيات مختلقة إنما أراد بها مدح والثناء على نفسه بطريق غير مباشر ! ، واختراع قصص وروايات وأفلام !
؛،
11 - أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتًا, فَلَم أَكُن,
وَعَيشِكِ, أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ .. !
وَعَيشِكِ, أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ .. !
• وتستمر نُعْم في الگلام قائلةً: أهذا يا أسماء الفتي القرشي الوسيم، گريم الصفات، عظيم السجايا, التي أثنيت عليه ومدحته، ووصفته بأحسن الأوصاف وبالغتِ في وصفه، فلا يمگن لي أن أنساه إلى يوم موتي ودفني وقبري !
• قولها وَعَيشِكِ أي: أقسم بحياتگ، وهذا قسمٌ بغير الله وهو شرگ أصغر لا يجوز قوله، حتى ولو گان شائعًا بين الناس، ومن گان حالفًا، فليحلف بالله، أو ليصمت.
؛،
12 – فَقالَت: نَعَم, لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ ..
سُرى اللَيلِ, يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ !
سُرى اللَيلِ, يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ !
• فأجابت أسماء قائلة: نعم هذا هو الفتي المُغيري الذي بالغتُ في وصفه، ويقينًا لقد تغير لونه من مسيره وسفره بالليل وسيره الشديد فيه، فهو يحيي سيره في الليل ولا ينام فيه، وگثرة هي أسفاره ومشقتها عليه بادية، وهو گذلگ يسير في سفره في وقت الهاجرة وقت انتصاف النهار وشدة حرارة الشمس ولهيبها أثر فيه، وغير لونه !
؛،
13 - لَئِن گانَ إِيّاهُ, لَقَد حالَ بَعدَنا
عَنِ العَهدِ, وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ !
عَنِ العَهدِ, وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ !
• واستمرت أسماء بالحديث تقول: لئن گان هو الفتي المُغيري لقد حال انقطاعنا عنه مدة طويلة أن نتيقَّن من شگله، والمرء لا شگ مع مرور الأيام والسنين يتغير شگله !
؛،
14 - رَأَت رَجُلاً, أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت
فَيَضحى, وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ .. !
فَيَضحى, وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ .. !
• ثم عاد [ عـ م ــر ] وأمسگ بمقود الحديث فقال: لقد رأت نُعْم رجلاً گان طِوال عهده في أسفاره وتنقلاته يباشر الشمس إذا عارضت وانشرت في گبد السماء وأثرت فيه حرارتها، وليس بينها وبينه ما يقيه من حرارتها, وهذا فيما يزعم گناية عن گثرة أسفاره، وعن مدى قوته وصبره وجَلَده، فهو يستمر في أعماله وأسفاره في وقت اشتداد حرارة الشمس، ولا يستتر منها فأثرت فيه، وأما إذا گان سفره في شتاء قارص وجاء وقت العشى ودنا غروب الشمس، فهو يتعرض للبرد وشدته وخصرته ولا يُبالى، وهذا فيه إطراء لنفسه وأنه يرگب الأهوال، ولا يُبالي بوعورة الطريق ومشقة السفر !
•• وگل هذا زعمٌ گاذب؛ لأجل أن يمدح نفسه على لسانه أو لسان غيره بما ليس فيه !
•• فمعروف عنه الدلال والتنعم، فهو من أسرة ذات غِنًا وصيت ومال وفير، وهو وحيد أمه !
؛،
15 - أَخا سَفَرٍ, جَوّابَ أَرضٍ, تَقاذَفَت
بِهِ فَلَواتٌ, فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ .. !
بِهِ فَلَواتٌ, فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ .. !
• ويستمر في إطراء ومدح نفسه فيقول: إنه أخا سفرٍ أي: رفيق سفر وصاحبه وملازمٌ له, وهو والسفر متلازمان، فهو أخي وعضدي، جَوّابَ: صيغة مبالغة على وزن فعَّال، وهو تعبير عمن يقطع الأرض سيرًا على قدميه، أو على راحلته، وهذه الأرض هي صحراء فلوات مقفرة لا أنيس بها وحياة، تتقاذفه مرة ذات يمين، ومرة ذات شمال، فهو أشعث مثناثر متطاير متفرق الشعر، مغبر الوجه وشعر الرأس، لا يُظله ولا يستره شيءٌ وهو على مطيته من الحر والبرد، وهذا گناية عما يلاقيه في أسفاره من المشاق والمصاعب فيما يزعم !
؛،
16 - قَليلٌ عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّهُ,
سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ !
سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ !
• ثم شرع الفتي عـ م ــر المُغيري يصف حاله ونحول جسمه بعد أن گان ريٍان مُشبع، فتحول وتغير مع گثرة الأسفار وتعرضه للحر والبرد حتى أنَّ ظله على ظهر مطيته ونافته أصبح قليلاً ضعيفًا لا يُگاد يُرى من شدة نحول ونحافة جسمه، غير ما أبقى له الرداء الفضفاض الواسع المُزين الذي يرتديه من بقايا نعمة كانت لديه، فقد يظن الناظر إليه أنه غدا مُشبعًا ممتلئ الجسم للوهلة الأولى، لگن إن حقق النظر تبين حال هذا الـ عـ م ــر !
؛،
17 - وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ,
وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ .. !
وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ .. !
• ينتقل الآن إلى الحديث عن محبوبته نُعْم ويقول: أعجبها من حياتها ما تستظل به من مسگن يحوى غرف ودور تقيها الحر والبرد، ومگان تسگن فيه يحوى حدائق غناء خصراء ملتفة دائرية، وارفة الظِلال، گثيرة مرويةٌ الماء.
؛،
18 - وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها,
فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ !
فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ !
• ثم يتابع قائلاً: أن محبوبه له ولي أمر يتولى شؤونه وينفق عليه، ويوفر له جميع احتياجاته، فلا يهمها شيء من القوت تسهر لأجله حتى آخر الليل !
•• وهو هنا يُعرض بها، ويقارن بينها وبين نفسه الذي هو الفارس الشجاع البطل الهمام، الجوَّاب للفيافي والصحاري المقفرة الخاوية إلا من وحش وسبع، القوي الذي لا يهاب اقتحام الصعاب فيما يزعم ويدعي !
؛،
•• انتهى الفصل الأول من رواية بين [ عـ م ــر و نُعْم ] ! في ثمانية عشر بيتًا، وسيجدف ويُحلق بنا الآن عاليًا هذا الفتى المُغيري إلى إحدى مغامراته مع محبوبه نُعْم !
•• وهذه القصة التي سيرويها ويحكي مشاهدها من نسج خياله, وهو فتى يافعٌ في السابعة عشر من عمره حين لم يغادر مكة في صغره إلا برفقة أهله, وكذا هو فتًا مُترفٌ ومنعمٌ ومُدللُ, وكل ما ذكره فيها إنما هي مجرد تخيلات وأماني وتشببٌ منه لا أكثر !
•• وخلاصة القول فيه: أنه فتى قريش المدلل .. فليقل ما يشاء !
•• وهذا دأب الشعراء أنهم يقولون ما لا يفعلون, وقد حكاه الله عنهم في كتابه فقال سبحانه:
{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225)
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)
إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}, [ سورة الشعراء ].
•• والأبيات القادمة ذكر فيها أمور لا يجوز له فعلها شرعيًا سيما وهو شاعرٌ مسلم؛ لكن الناس حين يرونها وتعلقوا بقصيدته لإجادته ما نسميه اليوم بــ [ الحبكة الدرامية ], والمشاهد التمثيلية والقصصية الرائعة, والصور الجمالية والبلاغة المُبهرة, والتي حوتها قصيدته الفذة رُغم صِغر سنة !
•• ولا يجوز لأحد أن يحاكي ذلك على الواقع, وإنما ذكرت ذلك حتى لا يظن ظان أنني أجيز مثل هذه الأفعال شرعًا معاذ الله.
•• وحين قال قصيدته هذه شرع يُحاكي فيها مغامرات الشاعر الجاهلي الكبير امرؤ القيس في معلقته التي مطلعها:
قفا نبك من ذِكرى حبيبٍ ومنزلِ
بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
إلى أن يقول فيها:
ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة
فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معًا ..
عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ !
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ
ولا تُبعديني من جناك المعللِ
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ
فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول
إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ
بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ
ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت
عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ
أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل ..
وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي !
وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَةٌ
فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ !
أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي ..
وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل !
ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي ..
بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ !
؛،
:: الفصل الثاني ::
:: فصول المغامرة ::
19 - وَلَيلَةَ ذي دَورانَ جَشَّمتِني السُرى,
وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ !
وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ !
• يمضي في هذا الفصل يصف في مشاهد تمثيلة تصويرية بديعة ما حدث بينه وبين محبوبه في ليلةً أسماها: ليلة ذي دوران، ودوران: مگان قرب مگة بين قديد والجحفة، حيث تسگن محبوبة هذا العابث الشقي، في هذه الليلة العصيبة جشمني وگلفني وشق عليَّ، وأرهقني المسير بالليل، وقد يتگلف المخاطر ويرگب الأهوال، المحبُ العاشقُ المتيمُ الولهانُ المُغَرِّرُ: بكسر الراء الأولى: وهو الذي غرر بنفسه تولعه بالحب والعشق والهيام, وغرر بغيره حين أوقعه بحبه !
؛،
20 - فَبِتُّ رَقيبًا لِلرِفاقِ عَلى شَفًا,
أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ, وَأَنظُرُ .. !
أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ, وَأَنظُرُ .. !
• يقول: بدأتُ مراقبة قوم نُعْم وحراسها وذوي قرابتها فأصبحوا كأنهم مرافقوها لا ينفكون عنها صباح مساء، على شفًا ومقربة من ديارهم، أراقب من يأتي منهم، ومن يغادر، وأنتظر على حذر وخوف أن يُگشف أمري فأفتضح !
؛،
21 – إِلَيهِم, مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ؟,
وَلي مَجلِسٌ, لَولا اللُبانَةُ, أَوعَرُ .. !
وَلي مَجلِسٌ, لَولا اللُبانَةُ, أَوعَرُ .. !
• هذا موصولٌ بالبيت الذي قبله، فلا زلت أراقبهم مشاهدًا لهم متى يغرقون في سبات نوم عميق، ويُغلق عليهم النوم ويتمگن منهم، والمگان الذي أنا جالس فيه أراقب قوم نُعْما مگان صخري شديدة الوعورة لولا شدة الهيام والحب والشوق والعشق والوله ما جلستُ فيه دقيقة واحدة !
؛،
22 - وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها,
لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ .. !
لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ .. !
• ثم ينتقل ليصف ناقته وقلوصه ومطيته القوية الفتية كأنه هو ويقول: باتت ناقتي وما عليها من زاد ومتاع بالعراء والصحراء مگشوفة لطارق ومار يروح عليها بالليل، وگذا لمن جاء معور أي: بينٌ ظاهرٌ في النهار، وهذا فيه مخاطرة عليه؛ لأن القوم إن هم شاهدوا قلوصه وناقته عرفوا أن هناگ أحدًا بالقرب من ديارهم فبحثوا عنه وأمسگوا به !
؛،
23 - وَبِتُّ أُناجي النَفسَ: أَينَ خِباؤُها ؟
وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ .. ؟!
وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ .. ؟!
• يقول [ عـ م ــر ] : إنه بات ليلته يُحدث نفسه ويتساءل: أين خِباء ومسگن حبيبه وصفي روحه [ نُعْم ] ؟! وحين أصل إليه يا تُرى گيف الصدور والخروج عنه بعد أن ينتهي لقائي بمحبوبي وروحي وعشقي دون أن يُفتضح أمري ؟!
؛،
24 - فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُها
لَها، وَهَوى النَفسِ الَّذي گادَ يَظهَرُ .. !
لَها، وَهَوى النَفسِ الَّذي گادَ يَظهَرُ .. !
• يقول هنا: الذي دلني على خباءها أمربن أولهما: رَيّا عَرَفتُها
لَها: رَيَّا: مؤنث ريَّان, وهي: الرائحة الزكية الطيبة, وعطرها الفواح المنتشر في أنحاء المگان ذو رائحة زگية ومميزة جدًا، لا يتعطر به سواها، وگنت أعرف هذه الرائحة العطرة منها سابقًا حين گانت تخرج إلى السوق لشراء حاجياتها، وحين كانت تمر بطرقات الحي قديمًا, والأمر الثاني الذي دلني عليها هو: قبل رائحتها الزاكية دلني عليها قلبي وهوى نفسي وعشقي وشوقي لها، وهو الذي قادني إليها، وجعلني أتجشم المشاق والصعاب لأجلها ! , وكدتُ لفرطي هيامي وشوقي بها أظهر لأهل حيها هوى نفسي وليحدث ما يحدث !
لَها: رَيَّا: مؤنث ريَّان, وهي: الرائحة الزكية الطيبة, وعطرها الفواح المنتشر في أنحاء المگان ذو رائحة زگية ومميزة جدًا، لا يتعطر به سواها، وگنت أعرف هذه الرائحة العطرة منها سابقًا حين گانت تخرج إلى السوق لشراء حاجياتها، وحين كانت تمر بطرقات الحي قديمًا, والأمر الثاني الذي دلني عليها هو: قبل رائحتها الزاكية دلني عليها قلبي وهوى نفسي وعشقي وشوقي لها، وهو الذي قادني إليها، وجعلني أتجشم المشاق والصعاب لأجلها ! , وكدتُ لفرطي هيامي وشوقي بها أظهر لأهل حيها هوى نفسي وليحدث ما يحدث !
؛،
25 - فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم, وَأُطفِئَت
مَصابيحُ, شُبَّت في العِشاءِ وَأَنْــؤُرُ .. !
مَصابيحُ, شُبَّت في العِشاءِ وَأَنْــؤُرُ .. !
• يقول هذا الفتى عُميرٌ –وقولي عميرٌ تصغيرٌ لاسم [ عــ م ــر ], والعرض من تصغير الاسم: التمليح-, فلما خفتت أصواتهم إشارةً إلى نومهم، وتم إغلاق المصابيح المشتعلة عند حلول وقت العشاء، فلم يُعد هناگ ضوء ولا نور ... وقوله: وَأَنْوُرُ: جمع نار، والمعنى: لما أُطفِئَت النار التي أوقدت وشُبَّت في وقت العشاء،...
؛،
26 - وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أهوى غُيوبَهُ,
وَرَوَّحَ رُعيانُ, وَنَوَّمَ سُمَّرُ ..!
وَرَوَّحَ رُعيانُ, وَنَوَّمَ سُمَّرُ ..!
•• ثم يتمُ حديثه قائلاً وغاب قُمَيرٌ تصغير قمر، ويبدو أنهم في بداية شهر عربي أو في نهايته لضعف ضوء القمر الذي دعاه بـ قُمَيرٌ تصغيرًا لشأنه .. وگنت أترقبُ وأهوى مغيبه، وذهب رعيان الإبل والغنم إلى مستراحهم ومگان نومهم، ونام أربابُ وأصحاب السهر والسمر ...
؛،
27 - وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ, أَقبَلتُ مِشيَةَ الـــ
حُبابِ, وَشَخْصِي خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ ..!
حُبابِ, وَشَخْصِي خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ ..!
• ثم يسترسل في حگايته قائلاً: وزال عنيَّ النوم الذي گاد يداهمني، وقوله: وَخُفِّضَ: يدل على أنه كان يصارع النوم, فلما حان الموعد دب فيه نشاط مفاجئ, وذهب عني گل تعب وعناء، ودنت ساعة لقاء الحبيب، أقلبت على خباء محبوبي أمشي مشية الحُبابِ وهي: الحية بهدوء وسگون حتى لا أُحدث صوتًا ولا جَلبةً، ثم يتم وصف مشيته فيقول: مشيتُ وَشَخْصِي, وفي رواية: وَرُكْنِي, والمراد: جسمي, وقد خفضت رأسي، وحنيتُ جذعي، وملتُ بجسدي، مشية الأزور وهو: المائل بجذعه, خشية أن يراني أحدٌ من أهل الديار والحي !
؛،
28 - فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها, فَتَوَلَّهَت,
وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ .. !
وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ .. !
• يقول عُــ ـمَـ ــيْر هنا: فلما دخلتُ خِبائها بشگل مفاجئ وسريع حييتها وسلمتُ عليها، فتولهت وگاد عقلها أن يطير من شدة ولهها ولوعتها ولهفتها عليه، وحيرتها من قدومه المفاجئ وسط هذه الليل البهيم, وگادت أن ترفع صوتها برد التحية عليَّ, فتوقظ النائمين, فينتبهوا لقدومه !
؛،
29 - وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ: فَضَحتَني,
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ !
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ !
• ثم يتم عُمير روايته الشيقة قائلاً: قالت له محبوبه نُعْم بعد رؤيته بعد أن عَضَّت على أصبعها گناية على شدة حذرها وخوفها قالت له: فَضَحتَني، وأنت إنسان أيسر أمورگ هو أمرٌ صعبٌ وعسير !
؛،
30 - أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ, أَلَم تَخَف؟
وُقيتَ, وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ .. !
وُقيتَ, وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ .. !
• ثم تقول له: أريت وعلمتُ يا عُمير حين تقدم وتدخل عليَّ بهذه الطريقة هل أنا هينة وشأني يسير عندگ لهذه الدرجة حتى تدخل عليَّ هكذا فتكاد تفضحني بين أهلي وعشيرتي ؟! ومع ذلگ حين هنتُ عندگ ألم تخاف وتخشى من أعدائک المتواجدين هنا حولي من قرابتي ، والذين قد خبرت عداوتهم سابقًا، أن يگتشفوا أمرگ فينتقموا مني ومنگ، وأسأل الله أن يگفيگ ويقيگ شرهم !
؛،
31 - فَوَ اللَهِ ما أَدري, أَتَعجيلُ حاجَةٍ
سَرَت بِكَ, أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ .. !
سَرَت بِكَ, أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ .. !
• ثم تقسم بالله قائلةً: فو الله لستُ أدري ما الذي جعلك تسري بالليل وتقدم إليَّ هل هو لحاجة ماسة وعاجلة لم تستطع تأخيرها إلى وقتٍ آخر ؟ أم إنه لما تأكدت من نوم ذي قرابتي والذين ناصبوك العداء وكنت دائم الحذر منهم قدمت إليَّ في هذا الوقت المتأخر ؟!
؛,
32 - فَقُلتُ لَها: بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى
إِلَيكِ, وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ .. !
إِلَيكِ, وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ .. !
• يقول هذا الفتى الشقي عميرٌ: فأجبتها: لا هذا, ولا ذاك, لا حاجة عاجلةٌ قادتني إليك, ولا لأجل أنه نام من كُنتُ أحذرُ؛ بل إنَّ الشوق وهوى قلبي هو الذي أتى بي إليك في هذا الليل البهيم الأليل ! , وليست ثمت عينٌ ورقيب من الناس تنظر ويعلم بقدومي هذا !
؛,
33 - فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها:
كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ .. !
كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ .. !
• فقالت له: بعد أن هدأت نفسها واستكانت, وذهب عنها ما وجدته من الارتياع والخوف والوجل, حفظك ربك المُتَكَبِّرُ ! , وإيرادها لاسم الله [المُتَكَبِّرُ ] لأجل قافية القصيدة المختوم بحرف الراء ليس إلا .. والله أعلم.
؛,
34 – فَأَنتَ, أَبا الخَطّابِ, غَيرُ مُدافَعٍ,
عَلَيَّ أَميرٌ, ما مَكُثتَ, مُؤَمَّرُ .. !
عَلَيَّ أَميرٌ, ما مَكُثتَ, مُؤَمَّرُ .. !
• واستمرت تقول له: فأنت أبا الخطاب وهي كنيته, لقد نصبتك وعينتك أميرٌ عليَّ وسيدٌ غَيرُ مُدافَعٍ ولا منافس ولا مزاحم من أحد غيرك ما جلست بجواري وصحبتي مُؤَمَّرُ !
؛,
35 - فَبِتُّ قَريرَ العَينِ, أُعطيتُ حاجَتي,
أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ .. !
أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ .. !
• وهنا يعود له الحوار فيحكي حاله قائلاً: فمكثتُ بجوارها مستريح البال, مستقر العين, غير خائف ولا وجل؛ لأنها أعطتني منيتي وبغيتي من قدومي إليها, فشرعت أُقَبِّلُ فاها في خلوة من الناس فَأُكثِرُ !
؛,
36 - فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ,
وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ .. !
وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ .. !
• ثم شرع يخاطب الليل ويتعجب من سرعة انقضاءه, وكأن هذه الليلة أقصر من غيرها من الليالي, وتمنى لو امتد أكثر, وكان ليلي في غير هذه الليلة طويلٌ جدًا بسبب فراق المحبوب, فلما دنوت منه تقاصر طول ليلي !
؛,
37 - وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس
لَنا, لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ .. !
لَنا, لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ .. !
• ثم يصف مكان خُباءها ويتعجب من حاله ويستحسنه: يا له من مجلسٍ لهو وسرور مريح أجدُ فيه أنسي ولهوي ولعبي وراحتي لا يكدر صفوه عليَّ مُكَدِّرُ !
؛,
38 - يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ,
رَقيقُ الحَواشي, ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ .. !
رَقيقُ الحَواشي, ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ .. !
• ثم ينتقل بك هذا الــشقي [ عــم ــيـــر ] إلى وصف فم محبوبته ذو الطعم الزاكي العطر كأنه ذكي المسك: وهذا وصفٌ يُطلق على المسك إذا طاب وفاح ريحه فيسمى: ذكي المسك, فكأنها تنثر المسك عن من حولها حين تنطق وتتكلم وتبدو أسنانها المفلجة والمتباعدة والتي بينها فرجات يسيرة تزين فاها, وهذا عند العرب قديمًا صفة مدح وثناء, ويصف فاها بأنه رقيق الحواشي أي: ناعم دقيق الأطراف, كنايةً عن جمال فاها ورقته وعذوبته, وأسنانها ذات غروب أي: عليها لمعان وبريق يأخذ الأبصار حين يغشاها الريق واللعاب, كأن أسنانها مؤشرة رقيقة متساوية متراصة جميلة عذبة المرأى !
•• وفي رواية أخرى للبيت يقول فيه:
يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُقَبَّلٌ,
نَقِيُّ الثَّنَايَا, ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ .. !
نَقِيُّ الثَّنَايَا, ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ .. !
المُقَبَّل: كناية عن الفم, نَقِيُّ الثَّنَايَا: صافي ومتساوي وجميل الأسنان, والثَّنَايَا: هي الأسنان في مقدمة الفم.
؛,
39 - تَراهُ إِذا افتُرَّ عَنهُ, كَأَنَّهُ
حَصى بَرَدٍ, أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ .. !
حَصى بَرَدٍ, أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ .. !
• ويتمُ وصفه لفيها قائلاً: تشاهد أسنانها إذا افتُرَّ وكُشِف عنها وأظهرتها للناظر كأنها حصى برد, والبَرَدُ هو: الماءُ الجَامِدُ ينزلُ من السَّحاب قِطَعًا صِغَارًا، ويُسَمَّى: حَبُّ الغمام، وحَبُّ المُزْن, فشبه أسنانها بحبات البرد لجمالها وروعتها وبريقها الأخاذ !
•• ويتمُ هذا الصبي المتيم وصف أسنان محبوبه [ نُعْم ] كأنها أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ, الأُقحُوان: نبات له زهر أصفر في وسطه, تحيط به أوراق من الزهر الأبيض, ذو رائحة عطرة, يُشبه الشعراء بها الأسنان لجمالها ورقتها وعذوبتها فهي أسنان متساوية, وشديدة البياض، جمع: أقاح وأقاحي, وهذه الأسنان التي تشبه زهر الأقحوان حين تكشفها لك تراها تنير لك المكان من شدة بياضها ولمعانها !
•• وكذا يُشير هذا الــ [ عُمـ ــير ] إلى عذوبة ابتسامتها وجمالها, وبريقها الأخاذ حين يفتر ويُفتح فاها وتبدو أسنانها البيضاء الجميلة الآسرة الخلَّابة !
؛,
40 - وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ, كَما رَنا
إِلى ظَبْيَةٍ وَسطَ الخَميلَةِ, جُؤذَرُ !
إِلى ظَبْيَةٍ وَسطَ الخَميلَةِ, جُؤذَرُ !
• ثم يكمل وصف محبوبه ويقول: تتطلع وتنظر إليَّ بِعَينَيها كما يتطلَّع ويبصر الجُؤذَرُ وهو ابن الصغير للغزالة حين يتطلع ويتلفت كل حين باحثٍ عن أمه الظبية ومتشوف لها, في أرض خَميلَةٍ وهي: الأرض الرميلة التي فيها عشب وزرع, والمقصد: يريد أنَّ يكشف ويوضح للسامع أنَّ محبوبته نُعْم متطلعة له, متشوفة مشتاقة لقدومه, متعلقة به, وهي تشعر بقربه بالأمان الكامل, والراحة والدفء والحنان والإعجاب, مثل الابن الصغير المتعلق بأمه, غير القادر على الفكاك منها, ويشعر بقرب أمه بنوعٍ من الأمان والراحة والدفء والحنان !
؛,
41 - فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ,
وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ .. !
وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ .. !
• يقول هنا: فلما تقضى الليل وبالغ في الانقضاء, وقارب على الانتهاء والأفول إلا قليل منه, وكادت وأوشكت نجومه المتواليات المتتابعات في الظهور تتغورُ وتتباعدُ وتأفلُ وتغيب.
؛,
42 – أَشارَت, بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ
هُبوبٌ, وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ !
هُبوبٌ, وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ !
• يقول: لما دنا الصبح واقترب أشارت وقالت: بأن أهل ديارنا وحينا قد حان وآن موعد هبوبهم واستيقاظهم من نومهم, ولكن في المرة القادمة إذا التقينا نتقابل في مكان يُسمى: عَزوَرُ, وهذا يُشعر بأنهما كانا يلتقيان قبل هذه الليلة؛ ويبدو المكان مألوف لهما.
؛,
43 - فَما راعَني إِلّا مُنادٍ: تَرَحَّلوا,
وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ !
وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ !
• يقول: فما روعني وأفزعني وأخافني إلا صوت منادي الحي يقول بأعلى صوته: "تَرَحَّلوا", أي: قوموا واستيقظوا من نومكم للرحيل, ولقد بدأ بالظهور قليلٌ من ضوء الصبح أشقر اللون, قبل شروق الشمس.
؛,
44 - فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ
وَأَيقاظَهُم, قالَت: أَشِر كَيفَ تَأمُرُ ؟
وَأَيقاظَهُم, قالَت: أَشِر كَيفَ تَأمُرُ ؟
• يقول هنا: فلما شاهدت من قام للحينه من النوم مِنهُمُ, ومن كان مستيقظ منذ مدة يسيرة, قالت له: أشِر عليَّ بالرأي السديد الصواب, فماذا تَأمُرُ ؟
,؛
45 – فَقُلتُ: أُباديهِم, فَإِمّا أَفوتُهُم,
وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً, فَيَثأَرُ .. !
وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً, فَيَثأَرُ .. !
• يقول هذا الــ [ عُــ مــ ــير ] : أباديهم وأخرج إليهم وإلاقيهم, فإما أستطيع الهروب منهم, والخروج من حيهم, وإما تنالني سيوفهم فتقتلني ثأرًا بسبب فعلتِ هذه, فيثأر السيف مني !
؛,
46 – فَقالَت: أَتَحقيقًا لِما قالَ كاشِحٌ
عَلَينا, وَتَصديقًا لِما كانَ يُؤثَرُ ؟!
عَلَينا, وَتَصديقًا لِما كانَ يُؤثَرُ ؟!
• فأجابت وهي تبدي خوفها عليه: تفعل ذلك وتحقق رغبة ما قاله كارهٌ وكاشحٌ ومبغضٌ لي ولك منهم, وتصديقًا لما كانوا يقولونه عنك من الوشاية والنميمة ؟!
؛,
47 - فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ, فَغَيرُهُ,
مِنَ الأَمرِ, أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ !
مِنَ الأَمرِ, أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ !
• تقول له محبوبه نُعْم: فإن كان لابد من خروج لك هذه الساعة من بين أيديهم, فرأيك هذا ليس بالرأي, وإنما الرأي غيره, يكون رأيًا حكيمًا قريبٌ لِلخَفاءِ وَأَستَرُ, وحتى لا يُفتضح أمرنا, فبان هنا رجحان عقلها, وأنها أحكم منه في المواقف الصعبة الشديدة خلافًا لما كان يدعيه من البطولات وينسبه لنفسه زعمًا وزورًا !
؛,
48 - أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا
وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ !
وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ !
• تقول: وإنما الرأي هو: أن أخبر أُختَيَّ أسماء والتي ورد أسمها معنا سابقًا, وأختها الأخرى لم تذكر لها اسمًا, قصة حبنا, وما فعلته بتهورك هذه الليلة حين قدمت عليَّ أيها المُحب العاشق الولهان, وليس عندي سبب ولا علة حتى أتأخر عن إخبارهما الآن, وليس عليَّ حرج أن أخبرهما بذلك, والسبب: لأنهما ستعلمان الآن, أو فيما بعدُ, لو خرجت حسب الطريقة التي أشرت بها, فهما ستعلمان ستعلمان على كل حال, إما الآن, وإما في وقتٍ لاحقٍ متأخرٍ, فإذا كان الأمر كذلك, فلتعلما الآن, ولأخبرهما وأبوح لهما بحكايتنا وقصتنا وعبرتنا وحبًا في ثنايانا !
؛,
49 - لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجًا,
وَأَن تَرحُبا صَدرًا بِما كُنتُ أَحصُرُ !
وَأَن تَرحُبا صَدرًا بِما كُنتُ أَحصُرُ !
• تقول لعل أُختَيَّ أن تبحثا لك مخرج بعد أن رويت لهما بِدءَ حَديثِنا وحبنا, فتتعاطفا معنا, وأن تتسع صدورهما بما كُنتُ مهمومة به, وقلبي كان منه ضيقًا محصورا !
؛,
50 - فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ,
مِنَ الحُزنِ, تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ .. !
مِنَ الحُزنِ, تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ .. !
• يقول عُميرٌ واصفًا حالها حين غادرته لتقص على أختيها بدء حديثهما وحكايتهما يقول: قامت حزينةً مكتئبة ضائق صدرها بحِملها وسرها خشيت العواقب, وقد فارق الدم وجهها كنايةً عن شدة الحزن والهم والكآبة, وتُساقط وتسكبُ دموعًا لها تتحدرُ وتسيل على خديها !
؛,
51 - فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما
كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ, وَأَخضَرُ !
كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ, وَأَخضَرُ !
• يقول واصفًا أختيها أنهما فتاتان حرتان شريفتان كريمتان, عليهما ثياب منسوجة من خَزٍّ وهو: ما نُسج من حرير خالص, دِمَقسٌ: أبيضٌ مزخرف ومزين, وحريرٌ آخر لونه أخضر.
؛,
52 - فَقالَت لِأُختَيها: أَعينا عَلى فَتىً,
أَتى زائِراً, وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ !
أَتى زائِراً, وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ !
• يحكي عمر قائلاً: قالت نُعْم لأختيها: ساعداني على معاونة هذا الفتي الشقي والذي أتاني زائرًا, وهذا الأمر والمصيبة التي وقعتُ فيها هو أمرٌ قدره الله عليَّ, ولا أقول لكما هذا افتخارًا وزهوًا وانشراحًا به, ولكن .. فكرا معي بطريقة وتدبير وحيلةٍ للخروج من هذه الورطة والمصيبة.
؛,
53 - فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا, ثُمَّ قالَتا:
أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ !
أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ !
• يقول هذا الشقي [ عــ م ـــر ] واصفًا إقبال أختيها: أقلبتا ففزعتا لما رأيتاه, ثم قالتا لــ أختهما نُعْم: هوني عليك لن تُراعي, وخففي اللوم عليك, فالأمر والخطب والمكروه حله يسير بإذن الله تعالى.
؛,
54 - فَقالَت لَها الصُغرى: سَأُعطيهِ مِطرَفي
وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ !
وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ !
• يقول عمر: قالت الفتاة الصغرى: سَأُعطيهِ مِطرَفي, المُطْرَف: رِداءٌ أَو ثوبٌ من حرير مربَّع الشكل ذو أَعلام مطرزة ومُذهبة في أطرافه, تلبسه المرأة, وتقصد سأعطيه عباءتي, والدرع قميص المرأة وثوبها, والبُرْدُ: كِسَاءٌ مُخَطَّطٌ يُلْتَحَفُ ويُتغطى به, سأعطيه كل هذا إن كان هذا الفتى المغيري خائفًا وحذرًا.
؛,
55 - يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً
فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ !
فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ !
• يُكمل عمر مسرحيته قائلاً: تقول الفتاة الصغرى: ثم يقوم هذا الـــ عُمير فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً مُتخفيًا, فَلا سِرُّنا يَفشو ويظهر ويُكشف, وَلا هُوَ يَظهَرُ ويبين شكله ويتضح للناظرين !
؛,
56 - فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي,
ثَلاثُ شُخوصٍ: كاعِبانِ وَمُعصِرُ !
ثَلاثُ شُخوصٍ: كاعِبانِ وَمُعصِرُ !
• يقول عُمير واصفًا طريقة خروجه من حي آل نُعْم: فكان ستري ودرعي وترسي دون قوم نُعْم, فكان ستري أثناء خروجي ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ: الكاعب هي: الفتاة التي نَهَد وانتصب وشخص وبرز ثديها وأشرف وارتفع ولم يتدلى كحال أثداء الكبيرات في السن من النساء, وَمُعصِرُ: والمُعصر: هي الفتاة التي دخلت في عصر وزمن البلوغ وبلغت شبابها, وهو يُشير إلى الفتاة الصغرى.
؛,
57 - فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي:
أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ ؟!
أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ ؟!
• يقول عمر: فَلَمّا اجتزنا وقطعنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي: ألم تتوقى وتحذر من أعداءك المتواجدين هنا أن يعرفوا بأمرك, والليلة ليلةً مقمرةً ضوء القمر فيها باد.
؛,
58 – وَقُلنَ: أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِراً
أَما تَستَحي, أَو تَرعَوي, أَو تُفَكِّرُ ؟!
أَما تَستَحي, أَو تَرعَوي, أَو تُفَكِّرُ ؟!
• يقول عُمير: وقُلن أيضًا: أهذا دأبك وعادتك طِوال حياتك سادرًا تائهً غارقًا في لهوك وغفلتك غير مُبالي بأحد, أَما تَستَحي من أفعالك هذه وتعلقك بالهوى, أَو تَرعَوي وتنتهي وتكف عن عبثك ولهوك, أَو تُفَكِّرُ في أمرك وتتدبر إلى أين يقودك ؟!
؛,
59 - إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا,
لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ !
لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ !
• يقول هذا الـــ عُمير: وقُلن لي أيضًا: إذا قدمت إلينا في المرة القادمة فلا تنظر إلينا بشكل مباشر, ولكن ليكن نظرك وطرفك وبصرك باتجاه أخريات غيرنا؛ وسبب ذلك: حتى يعتقد ويظن قومنا أن هواك حيثُ تنظرُ وتشاهدوا, ولا يعلموا أنك قدمتَ لأجلنا. فهنَّا أردنَّ أن يوضحنَّ له أننا ما زلنا نهوى زيارتك, ولكننا نخشى من بأس قومنا عليك, وقلن له هذا خوفًا عليه, وشفقةً به.
؛,
60 - فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت,
وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ, وَمَحجَرُ .. !
وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ, وَمَحجَرُ .. !
• يقول الشقي عُمير: فكان آخر عهد وزمنٍ لي بمحبوبتي [ نُعْم ] حين عادت لديار أهلها وحيهم, ولاح وبدأ لها وهي قافلةٌ إلى أهلها خَدُّ نَقِيٌّ صافي لا تشوبه شائبة, وكذا لاح لي مَحجَرُ عينها وما حوله, قبل غروبها عني إلى الأبد !
؛,
61 - سِوى أَنَّني قَد قُلتُ: يا نُعْمُ قَولَةً
لَها, وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ !
لَها, وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ !
• يستثني عُمرٌ هنا ويقول: لقد قلتُ لــ نُعْم مقولةً, ثم يصف الحال أثناء المقولة التي سيذكرها في البيت القادم, قلتها والخيل العتاق الأصيلة الكريمة ذات النسل المُسمى بـــ: الأَرحَبيّاتُ, نسبة إلى جد هذا النوع من الخيل وهو: أرحب, تُزجَرُ: أي: تُدفع للحاق به, ويحثها راكبوها على العدو بسرعة.
•• ويقصد هنا: أن أمره قد افتضح وأرسلوا وراءه بالخيل الأصلية ذات العدو السريع لإدراكه, لكنه سبقهم وفاتهم حسب زعمه وروايته, وقال لمحبوبه نُعْم المقولة الأخيرة والتي سيوضحها البيت التالي.
؛,
62 - هَنيئًا لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها الــ
لَذيذُ, وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ !
لَذيذُ, وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ !
• ويختم هذا الشقي [ عُـــــ م ـــــــر ] مغامراته مع محبوبه [ نُـــعْـــــم ] بالمقولة التي ودع بها محبوبه: هنيئًا وسَعدًا لأهلك أيتها العامرية نسبةً إلى بني عامر من جمح, نشرها وريحها الزاكية الطيبة, ورَيَّاها وعطرها الخاص بها الذي لا زلت أتذكره, ورائحته ستظل باقيةً في داخلي ما بقيت !
؛،
:: الفصل الثالث والأخير ::
:: وصف الناقة ::
63 - وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّها,
سُرى اللَيلِ, حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ !
سُرى اللَيلِ, حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ !
• ثم ينتقل بنا المشهد إلى الفصل الأخيرة من هذه المغامرة: وهو وصف ناقته التي قدم عليها, وسيعود قافلاً عليها يقول: وَقُمتُ إِلى عَنسٍ: العنس هي: الناقة الشابة القوية, تَخَوَّنَ نَيَّها: نقص شحمها كناية على خفتها ورشاقتها وسرعتها؛ بسبب مسيرها بالليل, لَحمُها مُتَحَسِّرُ: أي: مُتكشف, والمعنى: لحمها تكشَّف عن عظامها.
؛,
64 - وَحَبسي عَلى الحاجاتِ, حَتّى كَأَنَّها:
بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ !
بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ !
• وَحَبسي عَلى الحاجاتِ: أي وناقتي هذه حبستها ووقفتها على سُرى الليل وهو السفر والمسير ليلاً, وقوله: وَحَبسي عَلى الحاجاتِ معطوف على قوله: في البيت أعلاه: سُرى اللَيلِ, فكان نظم البيت بهذا الشكل بعد فك رموزه: وَحَبستُ وأقفتُ ناقتي هذه عَلى الحاجاتِ والأسفار, والتي غالبها يكون ليلاً. والمعنى أنَّ هذه الدابة والناقة مخصصة للأسفار فقط, وممنوع عنها طرق الفحل, ثم يصفها قائلاً: حَتّى كَأَنَّها: بَقِيَّةُ لَوحٍ أي: شبهها بقايا لوح خشبي, أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ أي: الشجِار هو: الهودج الموضوع على الناقة بدون فرش عليه, مُؤَسَّرُ أي: مشدود ومربوط بالحبال. وجمعها: أُسر, وهو: السير, ومنه قوله: الأسير في الحرب: فهو المشدود بالحبال من جلد ونحوه, المُوثق المُؤسر بها.
•• والمقصد: أنَّ هذه الناقة مخصصةً للأسفار فقط, فهي نحيفة شابةٌ قوية سريعة رشيقة سبوق.
؛,
65 - وَماءٍ بِمَوماةٍ قَليلٍ أَنيسُهُ,
بَسابِسَ, لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ !
بَسابِسَ, لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ !
• ثم ينتقل مشهد الرحلة الأخيرة حين غادر ديار محبوبه نُعْم إلى أنه ورد على ماء بمَوماةٍ وهي: الصحراء الواسعة المترامية الأطراف التي لا أنيس فيها, وهي مع ذلك قليلة الماء. قَليلٍ أَنيسُهُ: لا يرده إلا القليل من الناس, كنايةً على أنه مكان مقفر موحش مخيف. بَسابِسَ: جمع بَسبَس, وهي اسمٌ للصحراء الخالية الموحشة المقفرة, لا يسكن فيها أحد, ولم تترك فيه شدة حرارة الصيف أي شخص يحضر لهذا المكان القفر الخالي !
؛,
66 - بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبوتِ كَأَنَّهُ
عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ !
عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ !
• ثم يصف الماء الذي ورد عليه بهذه الصحراء القفر بأنَّ فيه بيتٌ للعنكبوتِ, تم بناؤوه على أطراف وأنحاء هذا الماء الذي ورد عليه. ووصف الماء بأنه: خامٌ مُنَشَّرُ أي: جلدٌ لم يتم دبغه وقد تم نشره حتى يجف وييبس.
•• والمقصد: كنايةً عن وحشة هذا المكان وخلوه من كل أسباب الحياة, حتى إنَّ ماءه قليلٌ جدًا.
؛,
67 – وَرِدتُ, وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي
مِنَ اللَيلِ, أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ !
مِنَ اللَيلِ, أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ !
• ثم يستمر هذا الــ عُمير ينوح ويُعزي نفسه قائلاً: وردت على هذا التي هذه صفته الآنفة الذكر, ولستُ أدري كم مضى من الليل, وكم بقي منه ؟!
•• والمقصد: كنايةً عن شدة تعبه, من هذا السفر الطويل المستمر, والذي صار فيه لا يحسب للوقت حسابًا, وعاوده همه وضيقه بعد فراق محبوبه, فكأنه عاد ليهيم على وجهه في الصحراء القفر الخالية ثانيةً, لأجل تعلقه بمحبوبه نُعْم وشدة وجده وحسرته على فراقها, وهذا يُذكر بالبيت في مطلع قصيدته حين قال في البيتين الثالث والرابع حين هام على وجهه بسبب محبوبه نُعْم فقال:
3- أهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ، ..
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ، وَلا القَلبُ يُقصِرُ !
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ، وَلا القَلبُ يُقصِرُ !
4 - وَلا قُربُ نُعمٍ إِنْ دَنَت لگ نافعُ,
وَلا نَأيُها يُسْلِي, وَلا أَنتَ تَصبِرُ !
وَلا نَأيُها يُسْلِي, وَلا أَنتَ تَصبِرُ !
؛,
68 - فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّها:
إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ !
إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ !
• ثم يشرع ويتم حديثه بعد صدوره من عند ذلك الماء وتلك الصحراء المقفرة الخالية وخروجها منا, فينقلُ لك مشهدًا آخر في واقعةٍ أخرى فيقول: أنه قام إلى ناقةٍ أخرى غير الأولى وكذا هي لم تُعد للحلب والانتفاع بها إنما هي مخصصة للسير على الأرض والسفر, وهي غير عاقلةٍ في مسريها كأن بها خبلٍ وجنون.
•• ويقول بعض الشُراح: أنَّ هذا البيت فيه إسقاطٌ منه على نفسه, فشبه نفسه بهذه الناقة المجنونة التي باتت لا تنفع لشيء, وظلت تهيم على وجهها في الفيافي والصحارى والقِفار, وهو كناية عن الحال التي وصل إليها بعد أنَّ غادر ديار أرض محبوبه [ نُعْم ] فغدا يهيم على وجهه في الصحراء من فرط شدة تعلقه بها !
؛,
69 - تُنازِعُني حِرصًا عَلى الماءِ رَأسَها,
وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُغَوَّرُ !
وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُغَوَّرُ !
• ثم يصف ناقته المجنونة بأنها: تنازعه وتنافسه وأنها أسبق وأحرص منها حين ترد الماء وتطلُ برأسها قاصدةً الشرب قبله, ولكن هذا ليس بمقدورها وما تهواه؛ لأن الماء موجود بقاع بئر بعيدٌ وغائرٌ ماؤه جدًا, وهذا كناية عن عطشه وعطشها الشديدين حين وردا الماء !
؛,
70- مُحاوِلَةً لِلماءِ, لَولا زِمامُها,
وَجَذبي لَها, كادَت مِراراً تَكَسَّرُ !
وَجَذبي لَها, كادَت مِراراً تَكَسَّرُ !
• ثُم يتم وصف المشهد قائلاً: ومع كل هذا فهي لا تكف عن ورود ماء البئر لشدة عطشها, ولولا أني ممسكٌ بعنان زِمامها, وجذبي لها بشدة لسقطتُ في داخل البئر واندق عنقها الطويل, وتكسرت عظامها.
؛,
71 - فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنها, وَأَنَّني
بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ !
بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ !
• يقول بعد ذلك: لما شاهدتُ حالها وعطشها وضررها الشديد, وأنني بأرضٍ ليس فيها مُعَصَّرُ وهو: السحاب الذي يُعصر منه الماء, فهذه البلدة قليلٌ مطرها, وليس فيها سوى ماء هذا البئر !
؛,
72 - قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً
جَديدًا, كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ !
جَديدًا, كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ !
• يقول: خصصتُ وقطعت وبنيت لهذه الناقة العطشى بجوار حوض البئر مكانًا جديدًا وحجمه كقاب وقدر شبر اليد أو هو أصغر !
؛,
73 - إِذا شَرَعَت فيهِ, فَلَيسَ لِمُلتَقى
مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ !
مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ !
• ثم يُتم وصف شربُ الناقة في هذا الحوض الجديد الذي أنشأه لها بحجم شرب يد الرجل أو هو أصغر فيقول: إذا أرادت الشرب من الماء بداخل هذا الحوض الصغير جدًا, فإنه لا يكاد يسع مشافرها لصغر حجمه, ومَشافِرِها: المشافر جمع مشفر, وهو ما يُماثل الشفه بالنسبة للإنسان, ومُسأَرُ: بمعنى: باقي. ومعنى البيت: إذا أدخلت مشافرها في هذا الحوض الصغير فليس لملتقى مشافرها من الحوض قدر حجم كف اليد شيء باقي منه, وهذا تشبيه معقد ووعر وصعب, فالماء قليلٌ جدًا لا يروي ظمأها, والحوض صغيرٌ لا يسع مشافرها !
؛,
74 - وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ
إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ !
إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ !
• ثم يُقول هذا البائس مُتمًا وصف شُرب ناقته: وليس لدي دلو أنزله إلى البئر لأجلب لي ولها الماء إلا دلو صغير يكفي شربه للرجل الواحد فقط, فكيف أستطيع أن أروي نفسي منه وأسقيها ؟!
ولا دلو أو أناء أجلب لهذه الناقة المجنونة العطشى ماء من قاع البئر إلا القعب وهو: إناءٌ مصنوعٌ من الخشب مقعر محفور يكفي ماءه الرجل الواحد فقط, ورشاء وحبل هذا الدلو نسعٌ وهو سيرٌ من الجلد, وأديمٌ مضفَّرُ: أي وجلدٌ مضفرٌ يشبه ضفيرة المرأة وهي الجديلة, والمعنى: ليس لدي دلو لأشرب منه أو أُسقي الناقة منه إلا إناءٌ خشبي مقعر, له حبلٌ من الجلد مجدولٌ !
•• يشرح فيه مدى صعوبة الأمر !
؛,
75 – فَسافَت, وَما عافَت, وَما رَدَّ شُربَها
عَنِ الرَيِّ, مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ !
عَنِ الرَيِّ, مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ !
• ثم يُتم عُميرٌ البائس المحزون الهائم على وجهه في الصحراء ويقول في بيته الأخير الأليم: فسافت وشمَّت ناقته الماء بأنفها, ولونه كدرٌ متغيرٌ, ورائحة كريهةٌ من طول ركوده, وطرق الإبل له, وما عافته وما كرهته وما نفرت منه لفرط عطشها, ولم يمنع شربها كون هذا الماء مطروق وسقط فيه بعض الأذى, والماء المطروق في اللغة هو: الماء الذي مرت من فوقه الإبل فطرقته وبالت وبعرت فيه, وهذا الماء مع كونه مطروق فهو أيضًا متعكرٌ متكدرُ !
•• والمقصد: كنايةً عن حاله بعد فراق محبوبه نُعْم, والتي شغفه حبها, وجعله يهيم على نفسه في الصحراء معرضًا نفسه للأذى وشدة العيش وقسوته لأجل تلك المحبوبة التعسة, وصدق من قال: من تعلق قلبه بغير الله عُذِّبَ به ولا بد !
؛،
تم الشرح بحمد الله وتوفيقه.
,؛
:: روابط القصيدة ::
• الشيخ/ سعيد الكُمْلي:
؛,
• الشيخ/ محمد الحسن الددو:
؛,
• الشيخ/ صالح المغامسي:
,؛
•• من مذكرات عمر بن أبي ربيعة: لـــ
المحقق المشهور/ أبو فهر: محمود محمد شاكر, رحمه الله.
•• قائمة تشغيل وتحوى ست مقاطع:
•• وتفصيلها كما يلي:
1 – أيام حزينة !
؛,
2 – حديث غد ؟
؛,
3 – الحقيقة المؤمنة !
؛,
4 – ذات النطاقين ؟
؛,
5 – جريرةُ ميعاد !
؛,
6 – صديق إبليس !
,؛
•• القصيدة بصوت: أ/ أبو قيس: محمد بن يوسف رشيد.
؛,
•• شرح القصيدة بصوت: أ/ أبو قيس: محمد بن يوسف رشيد. في سبعة أجزاء.
قائمة تشغيل:
؛,
• القصيدة بصوت: فالح القضاع.
؛,
•• شرح القصيدة بصوت: أ/ أبو رائد المسافر: عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف, في ثمانية أجزاء.
• الجزء الأول :
• الجزء الثاني:
• الجزء الثالث :
• الجزء الرابع :
,؛
• الجزء الخامس :
• الجزء السادس :
• الجزء السابع :
• الجزء الثامن والأخير :
؛,
قائمة تشغيل لجميع الأجزاء الثمانية:
؛,
؛,
انتهت بحمد الله تعالى.
؛,
وفي الختام ..
أستمتع بالحديث معكم .. ومع تعليقاتكم.
أستمتع بالحديث معكم .. ومع تعليقاتكم.
؛,
تم المراد بحمد الله وتوفيقه,
فإن أحسنت فهو من الله وحده, وإن أخطأت فمني والشيطان,
والله ورسوله – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- منه بريئان,
وأستغفر الله العظيم منه.
؛,
وعلى ضياء شموع الحب نلتقي لنرتقي.
؛,؛
سبحانك اللهم وبحمدك,
أشهد ألا إله إلا أنت,
أستغفرك وأتوب إليك.
؛,؛
وحرره محبكــــم ..
وعلى ضياء شموع الحب نلتقي لنرتقي.
؛,؛
سبحانك اللهم وبحمدك,
أشهد ألا إله إلا أنت,
أستغفرك وأتوب إليك.
؛,؛
وحرره محبكــــم ..
والداعي لكم بظهر الغيب ..
العبد الفقير إلى عفو ربه ..
العبد الفقير إلى عفو ربه ..
أبو رائد المسافر ..
انتهى
؛،
انتهى
؛،
تمت بحمد الله تعالى.
منقول عن .