الأدب العربي فنونه وعصوره وأشهر أعلامه؛ موسوعة من تأليف الباحث جبران مسعود

    بعد سبعة أعوام من العمل في البحث والتجميع، أنهى الباحث اللبناني جبران مسعود (1930) موسوعة في أعلام الأدب العربي والتي صدرت مؤخراً عن دار "نوفل"/ "هاشيت أنطوان" في بيروت بعنوان "الأدب العربي فنونه وعصوره وأشهر أعلامه".

تأتي الموسوعة في ثمانية مجلّدات، لتبوّب أسماء الشعراء والأدباء وتدوّن أشكال الفنون الأدبية في العصر الجاهلي وصدر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي وتتوقف مع نهاية العصر الأندلسي.

الأدب العربي فنونه وعصوره وأشهر أعلامه جبران مسعود
                       جبران مسعود مؤلف : الأدب العربي فنونه وعصوره وأشهر أعلامه 

نبذة عن الموسوعة

تؤرخ الموسوعة لفنون الأدب العربي، وأشهر أعلامه في العصر الجاهلي وصدر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر الأندلسي، وتدرس خواص الأدب في تلك العصور. وتضم المجموعة نماذج أدبية لشعراء وأدباء مع شرح للنصوص وتحليلاتها. ويضم أحد المجلدات ملحقا يدرس حركة التصوف الإِسلامي وأَشهر الصوفية المسلمين، وملحقا عن الشعراء الصعاليك، وثالثا عن شعراء المروءة والوفاء، وآخر عن طائفة من مؤرخي الأدب، وخامسا عن فريق من أصحاب اللغة. وصُدّر الكتاب بمدخل ضمّ أبحاثا في الشعر والنثروالأدب وتاريخ الأدب والبيان والعروض.
"الأدب العربي فنونه وعصوره وأشهر أعلامه" موسوعة كرّس المؤلف جبران مسعود سبع سنوات لإنجازها، لتكون مرجعاً لطلاب الأدب ومدرّسيه ودليل للباحثين، وفيه لكل مثقّف تذكرة تراثية حين يضمّها إلى خزانة كتبه، لكل قارئ.

في المجلّد الأول، يُفرد مسعود المساحة للحديث عن فنون الأدب العربي بشكل عام من الشعر والنثر، ثم يتطرّق إلى العصر الجاهلي. وبشكل خاص، يفرد الجزء الأكبر للحديث عن أصحاب المعلّقات.

في المجلّد الثاني، يستكمل عصر الجاهلية ويقدّم شعراء صدر الأسلام مثل الحطئية والخنساء والأعشى وحسّان بن ثابت وكعب بن زهير وغيرهم.

الأدب العربي فنونه وعصوره وأشهر أعلامه جبران مسعودأمّا الجزء الثالث، فيتعلّق بالعصر الأموي، ويخص فيه الحديث عن الشعر ممثّلاً بجرير والفرزدق والأخطل وعمر بن أبي ربيعة وآخرين، ثم يتناول في النثر بشكل خاص عبد الحميد الكاتب والحجّاج وزياد بن أبيه.

أمّا المجلد الرابع، فيُخصّصه الباحث للشعر فقط في العصر العباسي، ويبدأ فيه من بشار بن برد ويمر بالمعرّي وأبي تمام والمتنبي وصولاً إلى الشريف الرضي.
وفيما يخص النثر في العصر العباسي، فقد أفرد له مسعود المجلّد الخامس بأكمله، إذ كان النثر العربي قد تطوّر واتّسعت فنونه. وهنا يتناول الكاتب تجارب الجاحظ وابن المقفّع والمسعودي والميداني والأصفهاني وغيرهم.

الجزء السادس من هذه المجلدات مخصّص للعصر الأندلسي، نثراً وشعراً، وفيه نجد ابن هانئ وابن بطوطة والمعتمد بن عباد وابن زيدون وآخرين.

أما الجزآن السابع والثامن، فيتضمن الأول ملاحق عن الشعراء الصعاليك والمتصوّفة في الإسلام واللغويين والنقّاد، أما الثامن فهو مخصّص للفهارس والخرائط.

لا يكتفي الكاتب بذكر أسماء الأعلام وتقديم نبذة عن أصحابها. بل يتناول شخصية كل كاتب، والبيئة التي عاش فيها وكيف أثّرت على عمله الأدبي، كما يتتبّع أسفارهم وحياتهم، إلى جانب تقديم نقد ودراسة وبحث في أعمالهم.
كما يقدّم الباحث مختارات من أعمال كل من اختار التأريخ لهم في هذه الموسوعة.

سيرة الدكتور جبران مسعود 

من مواليد بيروت عام 1930. حائزٌ شهادة {بكالوريوس علوم» (B.A.) في الأدب العربيّ والتَّاريخ – 1950 (بتفوّق)، وشهادة {أستاذ في العلوم» (M.A.) في الأدب العربيّ – 1953، من الجامعة الأميركيّة في بيروت.

شغل عدّة مناصب خلال مسيرته المهنيَّة، أبرزها: أستاذ الأدب العربيّ والفلسفة الإسلاميّة والتاريخ والجغرافيا في {الإنترناشونال كولدج} ببيروت، ومدير الدروس العربيَّة في القسم الفرنسيّ فيها، وأستاذ الفلسفة الإسلاميّة في صفّ الفرشمن في الجامعة الأميركيّة ببيروت وقد حاضر فيها في الدورات التأهيليّة للأساتذة العرب.

تنوّعت نشاطاته بين أدبيَّة ومهنيَّة، فحاضر في الأندية الأدبيَّة، ومنها دورة تأهيل الأساتذة المغاربة في الرباط، المغرب، ودُعي إلى مقابلات ومناظرات في الإذاعات المحلّيَّة والعالميَّة.

نُشرت له مقالات وأبحاث في الصحف اللبنانية. أمّا مؤلَّفاته فتشمل عدداً من الكتب في القصّة والرواية، منها {الرَّماد الأحمر}، و}جدَّتي}، و}أنين الغضب}، وطائفةً من الدراسات الأدبيَّة والتَّاريخيَّة واللُّغويَّة في طليعتها {المحيط في أدب البكالوريا}، و}مناهج القراءة والأدب}، و}العربيَّة الفصحى شعلة لا تنطفئ}، و}لبنان والنَّهضة العربيَّة الحديثة}، ومعجمه {الرَّائد} وهو أوّل معجم أبجديّ عربيّ.

نال جوائز وأوسمة تقديراً لجهوده في مجال التعليم والأدب، منها جائزة {أصدقاء الكتاب} 1964-1965 عن أفضل كتاب لبنانيّ (معجمه الرّائد)، ووسام الأرز الوطنيّ.

مقتطف من تحليل كتاب «البخلاء» للجاحظ.

الجوّ العام

أنت هنا مع «الجاحظ» في طائفة من قصص البخل والبخلا، ومن أحابيل أهل الدراية والحُنكة في الادّخار والتوفير. ثم أنت في هذا المعرض الإنساني الدائم، بين هزل يشدّك إلى القصص الأدبي المسلّي، وجدّ يحملك إلى أغوار النفس البشريّة وما انطوت عليه من مشاعر وطبائع، حتى لكأن الكتاب يسعى بين يديك بعوالمه الثلاثة التي أرادها له «الجاحظ»: «تبيّن حجّة طريفة، أو تعرّف حيلة لطيفة، أو استفادة نادرة عجيبة».

البخل والبخلاء

أ- بين البخل والتوفير في كتاب {البخلاء} حدّ واهٍ يصعب معه أحياناً الفصل ما بين الحالتين، وتوضيح معالم كلّ منهما في أطر ثابتة يقينيّة. ومردّ هذه الصعوبة إلى أن {الجاحظ} يسكت أحياناً عن ذمّ البخل، فلا تلميح إليه ولا تصريح بل أحدوثة يسردها، أو حجّة يُبديها، تقف بإزائها عاجزَ الإدراك حائر الحكم، أهي عنده بخل أم هي توفير؟ أهي عنده محمودة، أم هي مذمومة؟ ولكنّه، مع تحفّظه، لا يتمالك أحياناً أن يقرّ بأن ما يدور عليه الكلام هو البخل عينه، كما في قوله: {يعني أن البخل طُبع فيهم وفي أعراقهم وطينتهم}.

ب- الطريف في أمر البخلاء أن لهم قصصاً تطول: ففي كل نادرة من نوادرهم قصّة وفي كل حيلة من حيلهم قصة، بل وفي كلّ لفتة من لفتات منطقهم قصّة.

. فهذه، مثلاً، ديكة مرو تسلب الدجاج ما في مناقيرها من الحَبِّ، على غير عادة الدِّيك في شهامة الرجولة وعنفوان العطاء المُدِلِّ! وهذا طفل من أطفال مرو يمنع سائله كلّ ما يسأل: فإذا سأله ماء قال هو مالح، ولا يُذكَر من الأصناف واحدٌ إلا أوجد له علّة ضنًا به أن يُبذل للضيف!
وهذا بخيل غني يسأله أخوه الفقير بعض ما يكفيه مؤؤنة عائلته، فيبخل به عليه، ولا يمنحه إلا كرماً من اللسان قائلا: {والله لو ملكت ألف ألف درهم لوهبت لك منها خمسمائة ألف!}

ج- وليس البخل قصصاً تُروى فحسب بل هو، إلى ذلك، فلسفة قائمة بالبرهان والتجربة والحجّة.

. فلو عدتَ إلى القطعة {السراج والفتيلة والإبرة} لوجدتَ أن البخل واسع الفطنة، عميق الإكباب على ما من شأنه توفير قِرشه: فهو ينهج سياسة التجربة والخطإ التي تعتمد العلم والمنطق في الإفادة من التجارب والأخطاء لتحقيق الأفضل والأكمل.
لو عدتَ إلى القطعة {فلسفة البخل} لوجدت جدلاً ومحاجّة منطقيين قلَّ أن تجد لهما نظيراً في الآداب التي لم تتلقّح بلقاح العلم والفلسفة.

وتجدر الإشارة إلى أن {الجاحظ} من المعتزلة، والمعتزلة طليعة من طلائع النظر العقلي في الفرق الإسلاميّة الكلاميّة، فحريّ بأدبه إذاً أن ينضح بأساليب الجدليين المناطيق. ولا مندوحة لك، حتى لو كنتَ شديد الإعراض عن البخل، عن أن تُقرّ بأن تفكيره منطقي، وأن المداورات التي يلجأ إليها في مناقشته قائمة بالعقل والرأي السّديد؛ حتى لتتساءل بشيء من التشكيك: أوليس {الجاحظ} هو الذي يسوّق هذه الفلسفة دفاعاً عن البخل، أو عما رُمي هو به من بخل، أو، على الأقلّ، عما يُدخله هو في باب التثمير والتوفير؟
Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url